التحكيم في منازعات الفضاء الخاصة : التحكيم والفضاء - الفضاء والتحكيم

Abstract

إن مناحي حياتنا المختلفة، في هذا العصر، عصر العولمة والتكنولوجيا، لم تعد ت مارس حبيسة كوكب الأرض، بل ارتبطت أيضا بأنشطة الفضاء الخارجي؛ ولهذا نجد نشاط الفضاء منعكس ا على الأرض من ناحية ونشاط الأرض منعكس ا في الفضاء من ناحية أخرى. لا غنى لنا في المنزل أو العمل عن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والوصول الى شبكات الانترنت، وإرسال الرسائل الالكترونية، واستخدام أنظمة الملاحة GPS والاستماع إلى الراديو أو التلفاز والسفر بالطائرات واستخدام الهاتف الذكي؛ لذلك ت صنع الأقمار الصناعية وت طلق في الفضاء وعلى القمر وعلى الأجسام السماوية. والأمر تجاوز ذلك، حتى أصبحت أنشطة الأرض ت مارس في الفضاء؛ فنسمع عن السياحة الفضائية وسياحة القمر وتأشيرة الفضاء، وإبرام العديد من العقود لتن فّذ في الفضاء، كعقود ايجار وشراء وبيع وغيرها. كذلك لم يعد الفضاء حكراً على الدول والمنظمات الدولية لأغراض تجارية أو غير تجارية؛ فتداعيات العولمة، والخصخصة، والاتجاه المتنامي نمواً ملحوظا نحو "تسويق الفضاء" و"صناعة الفضاء" في السنوات الماضية، سمحت بتدخل الكيانات والأشخاص الخاصة في أنشطة الفضاء لأغراض تجارية لاسيما في صناعة الأقمار الصناعية وإطلاقها وتشغيلها. لما سبق، أضحت المنازعات الناشئة عن الفضاء غير محدودة، وغير محددة في "العلاقات الفضائية" بين الدول والمنظمات الدولية أو الحكومية التي تحكمها قواعد القانون الدولي واتفاقيات الفضاء الدولية، بل اتسعت ل "العلاقات الفضائية الخاصة" التي تشارك فيها الكيانات الخاصة او القطاع الخاص؛ من هنا تنشأ "منازعات الفضاء الخاصة" التي يحكمها الآن قوانين داخلية أو دولية خاصة حرصت الكثير من الدول- أعضاء نادي الفضاء على سنها كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وجنوب أفريقيا والنمسا وأستراليا، - وتندمج تلك القوانين الخاصة مع قواعد الملكية و العقود و الملكية الفكرية. تلك "منازعات الفضاء الخاصة" تحتاج إلى وسيلة لفضها تتناسب مع خصوصياتها، فإذا تم الالتجاء إلى الوسائل البديلة للقضاء كالمفاوضات واللجان وغيرها لفض منازعات الفضاء فيما بين الدول والكيانات الدولية القائمة على اعتبارات الدبلوماسية، فالأمر مختلف في منازعات الفضاء الخاصة التي تحكمها اعتبارات التجارة الدولية والمنافسة والربح والتقنية العالية وسرية المعلومات والسرعة. لذلك كله، تسعى هذه الورقة البحثية إلى إيجاد التأثير المتبادل بين التحكيم ومنازعات الفضاء الخاصة من خلال الإجابة على التساؤلات الآتية: أيهما أفضل في فض منازعات الفضاء الخاصة، القضاء أم التحكيم؟ وما مدى أفضلية التحكيم عن الوسائل البديلة الأخرى لفض تلك المنازعات؟ وهل يتناسب التحكيم وميزاته مع خصوصية تلك المنازعات وخصائصها الذاتية؟ وما دور قواعد التحكيم المؤسسي في فض منازعات الفضاء الخاصة وتطبيقاتها؟ وهل نحن في حاجة إلى ابتداع قواعد خاصة للتحكيم في فض منازعات الفضاء الخاصة؟ .