العسكرة في إسرائيل: التجليات السياسية والاقتصادية والمجتمعية
Abstract
برز الاهتمام بدراسة العلاقات المدنية العسكرية لدى العديد من منظري الدراسات السياسية والاستراتيجية وذلك لما تلعبه من دور مؤثر في سياق تطور الدولة الحديثة منذ نشأتها من جهة، وبين سياق السير نحو الديمقراطية من جهة أخرى، وانعكاسات ذلك على قدرة أي دولة في صياغة واقرار سياسات واستراتيجيات دفاعية وعسكرية بشكل صحيح وفعال.
إن نشأة دولة إسرائيل عام 1948 م وسط بيئة معادية لها، تتفوق عليها بالرقعة الجغرافية والموارد البشرية والاقتصادية، جعلها تعيش حالة من القلق والارباك على أمنها ووجودها، لذا وضعت مسألة الأمن على قمة أولويات كافة استراتيجياتها العسكرية، ومن هذا المنطلق لعبت الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية الدور الأكبر في رسم غالبية سياسات الدولة، وكان التركيز الكبير لهذه الاستراتيجية منصب على التطوير المستمر لقواتها المسلحة (تسليحا وتدريبا) لكي تبقى في وضع المتفوق على أعداءها، مع الأخذ بعين الاعتبار: قلة مواردها البشرية، وعدم توفر عمقا استراتيجيا كافيا لها، مما أجبرها على عسكرة الدولة مع الحرص على ضمان دعم حليف استراتيجي قوي لها يشارك في القتال معها إذا تطلب الامر.
منذ إعلان قيام إسرائيل عام 1948 وحتى الوقت الحالي استندت على الجيش وقوته في تشكيل كيانها، ذلك أن المجتمع الإسرائيلي قائم على مبادئ الحركة الصهيونية، مما جعل من المؤسسة العسكرية بكافة أجهزتها العمود الفقري والمرتكز الأساسي للنظام السياسي الإسرائيلي، حيث تصدرت المؤسسة العسكرية البناء السياسي الاسرائيلي لاعتبارات قوية جعل منها صاحبة قرار لا يمكن اغفاله وتأثير واضح على كافة المجالات نتيجة الدعم الكبير الذي حصلت عليه ومازالت من قبل المجتمع والنخب السياسية في اسرائيل.
لقد ادى التوجه نحو العسكرة في اسرائيل الى تشكل العلاقات المدنية العسكرية فيها لبناء نموذج يختلف عن باقي دول العالم، حيث تمكّنت من خلال هذ النموذج من المحافظة على شكل ديموقراطية الدولة، وحماية المؤسسات المدنية من بقاء تسلّط وقوة المؤسسة العسكرية، المرتكز في قوته على نظام عسكرة شامل للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في إسرائيل بما يحقق امنها وبقائها.
جاءت العلاقات المدنية العسكرية في اسرائيل لكي تمكن المؤسسة العسكرية من التمتع بدرجة كبيرة من التكيف والاستقلالية، حتى أصبحت هي المسؤولة عن بلورة وصياغة التوجه الاسرائيلي. والعمل على ترسيخ فكرة أنها القوة العسكرية الوحيدة القادرة على تحقيق أهداف اسرائيل من الأمن المنشود لمواطنيها، ولذلك سعت لتبنّي استراتيجية عسكرية شاملة مُتداخلة مع كافة جوانب الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد جاءت هذه الرسالة في محاولة لتسليط الضوء على نموذج فريد من نوعه من العلاقات المدنية العسكرية المتداخلة بين السلطة المدنية والمؤسسة العسكرية في مختلف مجالات الحياة، ولتوضح التجليات والدوافع للعسكرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/17851Collections
- International Affairs [10 items ]