أعطاب التفلسف واغتراب المتفلسفة في عالمنا العربي
Abstract
تُعد الفلسفة، كما هو متعارف عليه، ابنة الواقع، ومهمتها الكبرى ليست الانفصال عن اليومي والمعيشي، بل الارتقاء به إلى مستوى التفكير الكلي والتعقيل المجرد. فالفيلسوف الحقيقي هو الذي يعبر عن واقعه لا بالانصهار فيه كلياً، ولا بالانفصال التام عنه، بل بالسعي نحو كشف بنياته العميقة ومآلاته الممكنة. وقد تعارف المفكرون على أن الفلسفة تمثل وعياً شمولياً بالواقع، تسعى إلى تأطير أجزائه في نسق مفهومي كلي، يمكّن الإنسان من فهم ذاته ومحيطه والتفاعل مع تحولات عصره.
غير أن المشهد الفلسفي في العالم العربي، بكل أسف، يشهد ظاهرة تستحق التوقف والنقد، تتمثل في ما يمكن أن نسميه بـ”اغتراب المتفلسفة” وأعطابهم المعرفية والمنهجية. ذلك أن كثيرًا من المنتسبين إلى التفلسف في العالم العربي لا يعيشون هذا التوتر الخلّاق بين الفكر والواقع، بل يفرّون من واقعهم عبر الفلسفة، لا إليها، ويستوردون أدواتها دون أن يخضعوها لتفكير نقدي ينبع من تجربتهم الخاصة.