أثر دلالة السياق في تشكيل مفهوم الفتنة في السياق السياسي- دراسة قرآنية تحليلية
Abstract
تعنى هذه الورقة بدراسة مفهوم الفتنة أحد المفاهيم القرآنية المشكلة إلى حد ما لدى كثير من الباحثين والدارسين في المجال الشرعي، ذلك أن هذا اللفظ حاضرًا في كثير من الأزمات التي تصيب العالم الإسلامي قديمًا وحديثًا، إذ ما زال استخدام هذا اللفظ حاضرًا لكثير من الوقائع التي نشهدها اليوم، وللجدل الطويل حول ماهية هذا المفهوم وما يحمله من معاني، فالإشكال اليوم هو كثرة المفاهيم التي يعبر بها عن الفتنة واختلافها بل وتضادها أحيانًا، جاءت هذه الورقة لدراسة هذا المفهوم في السياق السياسي القرآني، باعتباره مسوغا للقتال من خلال تتبع الآيات ذات السياق السياسي، ولأهمية دلالة السياق في بيان المراد من اللفظ، ولأن الألفاظ في كثيرها ذات معاني متعددة يحددها السياق تكمن أهمية هذه الورقة بتتبع السياقات القرآنية لبيان مفهوم الفتنة باعتبارها مسوغا لقتال، تأتي الأهمية في هذا البحث في كونه يؤدي دورا مهما في فهم الموقف الإسلامي من كثير من الوقائع التي تحيط بالعالم الإسلامي، ورسم صورة واضحة للمسلم في كيفية التعامل معها، كما أن البحث القرآني يسهم في حل كثير من الإشكالات المتراكمة لكثير من المفاهيم المغالطة، وعليه فإن الورقة تهدف أولا لبيان مفهوم الفتنة في السياق السياسي، وبيان مفهومها عند عدد من الفقهاء والمفسرين ومدى اتفاقهم أو اختلافهم مع معنى الفتنة - باعتبارها مسوغا للقتال في النص القرآني.
ويكمن الطابع الأصلي لهذه الورقة أنها لا تتناول هذا الموضوع من حيث عموم صوره الواقعية أو عموم أطرافه، بل مناقشته العميقة من الأصل القرآني بتتبع المفردة في السياق المعني وبيان أثر هذا السياق في تشكيل المفهوم، ونظرا لكثير من الإشكالات جاء هذا البحث للإجابة عن سؤال رئيس ما المراد بالفتنة باعتبارها مسوغا للقتال في القرآن الكريم ؟
وذلك من خلال اتباع الدراسة لمنهجين رئيسيين هما: المنهج الاستقرائي، من خلال تتبع الآيات ذات العلاقة والمنهج التحليلي من خلال تفسير السياقات القرآنية ودورها في تشكيل المفاهيم القرآنية ذات التأثير السياسي، كما تفترض الورقة الفرضية الآتية: أن الفتنة باعتبارها مسوعًا للقتال ذات مفهوم واضح بينه القرآن الكريم في أكثر من موضع، أما الفرضية الثانية، اختلاف وجهات النظر حول مفهوم الفتنة عند كثير من العلماء، أما حدود الدراسة: مفهوم الفتنة باعتبارها مسوعًا للقتال في القرآن، وقد خلصت الدراسة إلى عدد من النتائج، أن الفتنة من الألفاظ المشتركة، وتحتمل كثير من المعاني، أن الفتنة باعتبارها مسوغا للقتال هي ذات معنا واضح في القرآن الكريم مساهمة السياق في بيان المراد بالفتنة باعتبارها مسوغا للقتال.
وعليه تتناول هذه الورقة الموضوع من خلال مبحثين الأول في مفهوم الفتنة لغة واصطلاحًا، والمبحث الثاني دلالة الفتنة في السياق السياسي في القرآن وفي أقوال العلماء