شعر الإمام عبد الحميد الفراهي 1280-1349 هـ : دراسة وتحقيق
Abstract
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. اللّهمّ بك نستعين، وبك نستبين، ونستهديك في كلّ حين، أمّا بعدُ:
فإنّ عملنا هذا في شعر الإمام الفراهيّ يدخل في سلسلة اشتغالنا بتحقيق تراثه، والعمل على نشره وتقديمه للقرَّاء العربِ وغيرهم؛ رغبة في تقديم علم ثرٍّ لم يصل إلا إلى قلّةٍ قليلةٍ منهم متأخِّرًا، تمثَّل بطرحٍ جديدٍ قيِّمٍ لقضايا النَّقد والبلاغة والإعجاز والتأّويل.
إنّ هذه الأشعارَ التي بين أيدينا على قلّتِها والتي تباينت بين الطَّبْع والتَّكلُّف، وبين الإبداع والتقَّليد الإبداعيّ، وبين التعَّبير والتصَّوير = تشهد بموهبة الإمام الفراهيّ الشعرية، كما تشهد بغزارة علمه واقتداره، وتبيّن من ناحية مضامينها ثقافته الموسوعية واهتماماتهِ بالدَّعوة إلى الله، وبحال الأمةّ الإسلاميةّ والأخُوَّة بين أبنائها؛ الأخُوّة التي تستعلي على القوميّات، وتكوِّن رابطًا قويًّا لوحدتِها، كما تؤرّخ تلك الأشعار لبعض الأحداث التاّريخيةّ الكبرى كالحرب العالميةّ الأولى، والغزو الإيطاليّ لليبيا، وثورة البلقان، فكانت بذلك أشبه بوثيقة تاريخية أدبية لبعض أحداث عصر الشَّاعر.
من جهة أخرى تكشف هذه الأشعار من حيثُ استعمالُ اللغةِ الكفايةَ اللُّغويّة للشاعر؛ إذ استعمل كثيرًا من الألفاظ التي تُحيجُ العربيَّ المتخصِّصَ بآداب العربية فض عمَّن سواه = إلى العودة إلى المعاجم لمعرفة معانيها، وهو يُعبِّر بها عن الغرض أحسنَ تعبيرٍ، كما وجدنا فيها توظيفًا بارعًا لآي الذكر الحكيم وألفاظِه، وتناصّاتٍ شعريّةً مع أشعارٍ عربيّةٍ قديمة أبدعَ في توظيفِها، كما تجد قصائده منظومة على بحورٍ صعبةٍ وأحرف روي كذلك؛ من دون أن تؤثر سلباً في شاعريتّهِ وتدفقُ موهبتهِ، ويلُاحظ أيضًا اتكِّاء الشاعر على أساليب فنية عالية وإحسانه فيها، الأمر الذي أكسب شعره جما وفوَاقاً، وسيلمس ذلك القارئ بنفسه.
لا شك أننا لو استطعنا قراءة أشعارِه المفقودة وهي كثيرة وأشعارِه الفارسيةّ والأورديةّ وتذوُّقهَا لكان الحكم على تلك الموهبة أكثر دقةَّ وإنصافاً، ولكن ما لا يدُركُ كلهُّ لا يتُرك جُلهُّ. من هنا أردنا دراسة شعره وإظهاره للقرَّاء، فأدرنا عملنا فيه على قسمين: القسم الأول منه جاء في فصلين، الفصل الأول منه تكلَّمنا فيه على حياة الفراهيّ ورحلاته في طلب العلم، وانشغاله في التَّدريس والتَّعليم والتَّفسير والتَّدبُّر حتّى وفاتِه، ثُمَّ عرضنا لأساتذته وطلابه وتراثه الفكري مُبيِّنين حالَه إن كان مطبوعًا أو مخطوطًا، ثمَّ تناولنا في الفصل الثاني شعرَه، فدرسناه على ثلاثة مستويات هي المقصديةّ التداوليةّ، والأسلوبيةّ البلاغيةّ، والإيقاعيةّ الصوتيةّ.
أمَّا القسمُ الثاني فكان تحقيق ديوانه، والحق أنَّ ما دفعنا إلى تحقيقه هو ما وجدناه من الأهمية العلمية والأدبية في أعمال الفراهي عامة، وديوانه خاصة، ومع أهميتها كانت بعيدة عن متناول القرّاء العرب، وغير متوافرة في المكتبات العربية أص ،ًال ثم إننا وجدْنا مطبوعتَه المنشورة على الشبكة الإلكترونية أقربَ إلى المخطوطاتِ منها إلى المطبوعاتِ، فهي طبعةٌ قديمةٌ تخلو من الضَّبط والشَّكل والهمزات وكثيرٍ من النقّط، ومن شرحٍ لغوامضِ شعره، ومن تبيان المقتبسات والتضَّمينات، ومن أبرز ما يقوم به التحقيقُ اليومَ في خدمةِ النَّص المخطوط، لمَّا كان ذلك كلُّه وجدْنا أنفسَنا مضُطرّين إلى إثباتِ قصائدِه وتحقيقِها، وإلى اختصار الدراسة حتى لا يبدو الديوانُ مُقتضبًا أمامَها، فتُتَّهم بالتَّضخيم والتَّزيُّد. حاولنا جاهدِين خدمةَ النص الشِّعري من ضبط بالشَّكل، وتفسير للكلمات والتَّراكيب الغامضة، وإيضاح لبعض الاقتباسات والتنَّاصّات، وبعض الصّور الفنيةّ أو الاستعمالات اللغُّويةّ، وغير ذلك ممّا ستراه في حواشي الديوان، ثمّ صنعنا فهارس تعين في العودة إليها، وييسّرها. والله نسألُ أن نكون قد قدَّمنا ما ينفعُ.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/12934Collections
- Arabic Language [129 items ]