صناعة الفتوى بين الماضي والحاضر

Abstract

لا يخفى على أحد ممن يعمل في حقول الدراسات الشرعية والأبحاث الاجتماعية والسياسية تلك المكانة العظمى التي يتبوؤها صناعة الفتوى اليوم من حيث التأثير الإيجابي والسلبي على الأفراد والمجتمعات في تصوراتهم وتصرفاتهم كما أن لها دورا مهما في تشكيل العقل المسلم وتحديد هويته ونظرته الى العالم حوله. والفتوى في تاريخها الطويل منذ عهد النبوة الى الآن مرت بمراحل مختلفة وبذل العلماء جهودا متواصلة في ضبط هذه الصناعة الخطيرة وحماية سورها بضوابط وقواعد حتى لا يقتحم حماها من لا يعرف قدرها ولا يتقن أدواتها ولا يجيد تسلق أدوارها العليا، ولكن لما يشهده عالم اليوم من تطورات هائلة وتغيرات كبيرة في كل المجالات الحيوية أثرت على مستوى العلاقات الإنسانية، وأنشأت قضايا ومسائل جديدة لم يكن لها عهد من قبل فإن صناعة الفتوى تقتضي ممن يتصدى لمهمة الفتوى والتوقيع عن رب العالمين أن يتوفر فيها شروط جديدة ويراعى فيها أدوات وضوابط أخرى على ضوء الواقع. وهذا البحث يتناول تاريخ الفتوى بمراحلها المختلفة ملقيا الضوء على الضوابط التي وضعها علمائنا السلف لضبط الفتوى وصناعتها ومختتما بذكر ضوابط ينبغي مراعاتها لمن يتصدى للإفتاء في عصرنا الحاضر، وذلك من أجل ترشيد صناعة الفتوى وتوجيهها نحو مصلحة الأمة وحسن التوقيع عن رب العالمين.