الخطأ المهني الموجب للمسؤولية الجنائية للطبيب وفقاً لقانون العقوبات القطري: دراسة تحليلية مقارنة
Abstract
لقد أكد البحث المعنون "الخطأ المهني الموجب للمسئولية الجنائية للطبيب وفقا لقانون العقوبات القطري" على أن لجسد الإنسان وروحه حرمة استوجبت عقاب كل من يعتدى عليهما حتى ولو كان هذا الاعتداء غير عمدي اتسم نشاط صاحبه بالإهمال أو عدم مراعاة قواعد الحيطة والحذر التي يفرضها القانون على الناس كافة بلا استثناء. ولقد أشار البحث إلى أن الخطأ الطبي على نوعين؛ فهو إما خطأ مادي، وإما خطأ مهني. ويعتمد معيار التمييز بينهما على ما إذا كان تحديد نوع الخطأ يتطلب الاستعانة برأي الخبير الفني لاشتماله على مسألة طبية فنية، أم أن التيقن من توافر الخطأ أمر يمكن للقاضي التثبت منه اعتمادا على ما لديه من معلومات وخبرة عامة. فاذا كان الأول فهو خطأ مهني، أما إذا كان الثاني فهو خطأ مادي. أما بخصوص تحديد معيار الخطأ الطبي فقد انتهي البحث إلى ضرورة الاستناد إلى معيار موضوعي يقاس من خلاله سلوك الطبيب المتهم على سلوك طبيب وسط من نفس مهنته وتخصصه وجد في ذات الظروف الخارجية التي وجد فيها الطبيب المتهم. أما ضابط الخطأ الطبي وموضوعه فهو الالتزام بمراعاة قواعد الحيطة والحذر العامة فيما يباشره من عمل طبي، هذا فضلا عن التزامه بالأصول العلمية المستقرة في الفن الطبي والتي يراعيها كل منتسبي هذه المهنة ولا يتسامحون مع من يجهلها أو يغفل عن احترامها.
ولقد أكد البحث على أن المسئولية الجنائية عن الخطأ الطبي قد مرت بمراحل ثلاث؛ فبدء بدعوة للإعفاء التام للأطباء من المسئولية الجنائية عما يصدر عنهم من أخطاء، إلى دعوة لمساءلتهم عن خطئهم المهني الجسيم فقط، والذي يعكس إهمالا بين أو جهلا فاضحا بقواعد مباشرة المهنة، دون غيره من صور الخطأ المهني اليسير، انتهاء بدعوة حديثة إلى مساءلة الأطباء عن جميع ما يصدر عنهم من أخطاء دون تمييز بين خطأ مادي وخطأ مهني، أو بين خطأ جسيم وخطأ يسير.
ولقد برر البحث هذا الاتجاه الحديث الذي ينادي بضرورة التشدد مع أصحاب المهن الطبية في المسئولية الجنائية عن الخطأ المهني بالاستناد إلى التطور العلمي الكبير الذي أصاب العلوم الطبية في العصر الحديث. فاذا كان العمل الطبي قد ساده في الماضي الحدس والتخمين وارتفعت فيه درجة الظن والاحتمال على حساب انخفاض درجة الجزم واليقين، فان تطور الفن الطبي وتنوع وسائله المساعدة فضلا عن غلبة التخصص الطبي عليه، كل ذلك اقتضى تغييرا في القواعد القانونية المنظمة لمسئولية الأطباء عما يقع منهم من أخطاء مهنية تعكس للأسف جهل فاضح للبعض منهم بأصول مهنته أو إهمال بين بمراعاة قواعد الحيطة والحذر فيما يقومون به من عمل.
وأشار البحث إلى موقف قانون العقوبات القطري من المسئولية عن الخطأ المهني بصورة عامة، والذي يشمل الخطأ المهني للأطباء بطبيعة الحال. فقد تبني هذا القانون الاتجاه المنادي بالتشدد مع أصحاب المهن وذلك من خلال النص على مضاعفة عقوبة القتل والإصابة الخطأ إذا كانت الوفاة أو الإصابة نتيجة للخطأ المهني للمتهم، حتى ولو كان هذا الخطأ المهني يسيرا. كذلك فقد منح القانون للقاضي سلطة حرمان صاحب المهنة من مباشرة مهنته لمدة قد تصل لعشر سنوات إذا تم إدانته في جناية مرتبطة بعمله الفني أو المهني.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/17678Collections
- Law Research [288 items ]