التراث والمعرفة والثقافة
Abstract
نرتاح كثيرا إلى ما نعرف ونصدق أننا على حق ونأبى أن يشكك أحد فيه حتى إذا اقترب منا
أحد الأطفال الصغار وسألنا سؤالا بريئا مثل كيف أتينا إلى الحياة؟ فماذا نقول له؟ هربا من
حرج الإجابة، نرد عليه بإجابة توقعنا في كثير من الاضطراب حين نقول له إن االله خلقنا فإذا
به يسألنا عن االله سؤال الأطفال المعتاد فلا نرد بما يقنعه، لماذا؟ لأن الطفل لا يدرك من
المعرفة إلا المعرفة الحسية ونحن لم نعد أنفسنا أبدا لهذه اللحظة الحرجة من السؤال لعلمنا أننا
نعرف ولا نشك في معرفتنا أبدا. فمن منا لا يستطيع أن يعرف القلم الجميل من القلم غير
الجميل وأن يشعر بجمال الكلمة الطيبة مثلا وخبث الكلمة الخبيثة ولكن كم واحدا منا يمكن أن
يقول لنا ما سر جمال القلم و ما سر جمال الكلمة أو خبثها؟ وكم واحدا منا يتفق مع الآخر على
سر هذا الجمال؟ حينئذ نكتشف أن سر اختلافنا ليس هو القلم الجميل أو الكلمة الجميلة أو
الطيبة بل هو المعنى العام لفكرة الجمال التي نظن أننا نعرفها كما يعرفها كثير من الناس، فإذا
ما حدث اختلاف حول ما هو القلم الجميل وما هي الكلمة الجميلة أو الخبيثة اكتشفنا أننا
مختلفون حول معنى عام للجمال نعتقد أننا نعرفه. إذن فالتساؤل والقدرة على الدهشة والشك
فيما نعرف هو السبيل إلى تمحيص ما نعرف. وفي حياتنا كثير من الكلمات التي نعتقد أننا
نعرفها حق المعرفة وهى في الحقيقة موضع اختلاف كبير، يحدث هذا على المستوى الشخصي
للإنسان العادي غير المهتم إلا بالشأن البسيط من الحياة، كما يحدث بشكل أوسع على
المستوى العلمي وخاصة في مجال المفاهيم أو ما نسميه المصطلحات.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/5443Collections
- Arabic Language [129 items ]