التحديث السياسي وسؤال المرجعية: مدخل قيمي
الملخص
يعتمد هذا البحث المدخل القيمي أساسًا لتقييم شرعية الدولة الحديثة وأدائها السياسي، ويفترض هذا المدخل أن يتوحد أفراد المجتمع السياسي حكامًا ومحكومين حول مجموعة من القيم المرجعية المشتركة، وبناء عليه، فإن السلطة الحاكمة لا تكتسب شرعيتها إلا بقدر ما تعبر عن هوية المجتمع الذي تحكمه. ومن هذا المنظور، يقدم هذا البحث إسهامًا في فهم حالة الصدام القائمة بين الدولة والمجتمع في عالمنا العربي نتيجة التناقض القائم بين المرجعية الحداثية التي تتبناها الدولة رسميا، وبين المرجعية الدينية والأخلاقية لشعوبها التي باتت تحتل مواقع هامشية خارج دوائر القرار ومراكز التأثير. كما يحاول البحث رصد بعض المظاهر السلبية الناتجة عن هذا التناقض من قبيل ازدواجية القيم، وانقسام الوعي الجمعي، وإجهاض الرأسمال الرمزي للمجتمع، وتفكك وحدة الدولة والمجتمع، والاختلالات الأمنية ومخاطر الانزلاق نحو الحرب الأهلية.
وفي هذا السياق الصدامي، يرصد البحث العلاقة التبادلية بين التحديث بمستوييه السياسي والثقافي، ودور النخب الحداثية في توفير الغطاء الأيديولوجي المطلوب لشرعنة تعسف الدولة ضد مواطنيها، ودور بعض المراكز والمنظمات الدولية في تحويل النخب الحداثية إلى جماعات ضغط مؤثرة في صنع القرار السياسي، وارتهانها للقوى الأجنبية التي باتت تتحكم في رسم مستقبل المشهد الثقافي والسياسي للمنطقة.
وفيما يتعلق بآليات الاشتغال، اجتهد البحث في رصد مظاهر التجديف (Blasphemy) التي امتهنتها النخب الحداثية لإضعاف مقدسات المجتمع وتخريب قيمه الأخلاقية، وهو ما يشكل انتهاكًا خطيرًا للإجماع الوطني، وتهديدًا للتعايش السلمي بين أفراد المجتمع. وهذا النزيف الأخلاقي الذي حظي بدعم رسمي من الدولة الحديثة، والذي بات يعرض حياة المجتمعات العربية لخطر الانهيار والإفلاس الشامل، يستدعي مساءلة الأنظمة السياسية التي تحكم هذه المجتمعات في ضوء ميثاق الشرف الذي يجب أن يحكم علاقة الدولة بمواطنيها، وهو ما يجعل شرعيتها موضع مساءلة.
المجموعات
- العقيدة والدعوة [143 items ]
- الدراسات الإسلامية [67 items ]