أسباب الخطأ في المفاهیم

Abstract

إن المفاهیم لیست ألفاظًا کسائر الألفاظ، وإنما هی مستودعاتٌ للمعانی. والدلالات کثیراً ما تتجاوز البناء اللفظی وتتخطى الجذر لتعکس کوامن فلسفة الأمة ودفائن تراکمات فکرها ومعرفتها. وتحظى ساحة الخطاب الدینی بالکثیر من المفاهیم التی أدى سوء فهمها إلى طرفی نقیض، فمرة تؤدی إلى إفراط یغرس التشدد والتطرف والإرهاب، وأخرى إلى تفریط یفسح المجال للتفلّت من أحکام الدین وقواعده. وکلاهما خطر على الأمة فی حاضرها ومستقبلها؛ لما یدعو إلیه الفهم السقیم من تنازع على أسس مذهبیة ویفسح المجال لخطط الأعداء وحبائلهم کی تنال من الأمة ووحدتها وأمنها واستقرارها وتتعدد الأسباب بین ذاتیة وخارجیة، فالذاتیة منها: التعصب، والانغلاق على الذات، وضعف الثقافة الإسلامیة الرشیدة، والنظرة الحزبیة أو الجزئیة للنصوص، وکذلک التنشئة الفکریة المشوّهة. وأما الخارجیة فکثیرة منها: المنزلقات التراثیة، والغزو الفکری، وضعف الخطاب المؤسسی الرسمی وعدم قدرته على الإقناع، وکذلک الخطط المُمَنْهَجَة والمُعدَّة بإحکام للسیطرة على العقول المسلمة من قِبَل منظمات وجماعات ودول تعمل على تنفیذ أهداف معدة سلفًا وتسعى لتحقیقها وتتعدد المفاهیم التی اختلط فیها الفهم وتم لی النصوص لإثباتها ومنها مفهوم الجهاد والفرقة الناجیة والولاء والبراء والتکفیر والتفسیق والردة وغیرها من المفاهیم التی أثرت على مسیرة النهضة للعالم الإسلامیة فی العصر الحدیث، وجعلت مجتمعاته ساحة للتنازع والاحتراب بدلاً من أن یکون ساحة للسلم والأمان. مما یجعل الحاجة ملحة للبحث عن الأسباب وراء هذه الأخطاء فی فهم تلک المفاهیم.