شرح أحكام قانون العمل القطري : رقم 14 لسنة 2004 وتعديلاته
الملخص
بعد الانتشار الكبير للمذهب الفردي على إثر تطور النظم الاقتصادية في القرن الثامن عشر، كان لمبدأ سلطان الإرادة ( Autonomie de la Volonté ) – القائم على حرية الفرد ووجوب استقلال إرادته وتسيير هذه الإرادة لكل ما في الحياة من نظم اقتصادية واجتماعية - أبلغ الأثر على القانون عموماً وعلى العلاقات التعاقدية خصوصا، فأصبحت العقود لا تخضع في تكوينها وفي الآثار التي تترتب عليها إلا إلى إرادة المتعاقدين . وصحب هذه التطورات القانونية والاقتصادية نظريات فلسفية وسياسية حمل لواءها فلاسفة واجتماعيون من أمثال روسو ( rousseau ) في كتابه المعروف بالعقد الاجتماعي ( contrat social ) ، فكانت حرية الفرد واستقلال إرادته هي المحور الذي يدور عليه تفكير ذلك العصر
ولكن استمرار هذه النظم في التطور، وظهور الصناعات الكبيرة، واختلال التوازن بين القوى الاقتصادية ، مهد لظهور مذاهب اشتراكية معارضة للمذاهب الفردية، أدت إلى تراجع مبدأ سلطان الإرادة، حيث ظهرت الحاجة غلى تدخل المشرع بنصوص آمرة في العلاقة التعاقدية لحماية أحد أطراف العلاقة التعاقدية خلافاً للأصل الذي كان سائداً في ظل مبدأ سلطان الإرادة حيث كان لا يجوز للقاضي نفسه بدعوى إتباع قواعد العدالة أن يعدل في العقد أو أن يضيف إليه ما ليس منه. وبسبب تلك التحولات الاقتصادية والقانونية وتطور نظرية العقد بدأ المشرعون بإعادة النظر في القواعد والقوانين المشبعة بمبدأ سلطان الإرادة والمذهب الفردي من أجل تحقيق نوع من التوازن بين الأطراف. ولأن النشاط الاقتصادي دائما في تطور مستمر فإن ذلك يستلزم تدخلاً تشريعياً يهدف إلى التوفيق بين الليبرالية المطلقة وبين الاقتصاد الموجّه، من خلال قواعد تحافظ على التوازن العقدي كوسيلة من أجل خدمة الظواهر الاقتصادية والاجتماعية على السواء.
وفي هذا السياق، يعتبر قانون العمل من أكثر القوانين تعبيرا عن حالة التدخل التشريعي في العلاقات التعاقدية تحقيقا لغايات اقتصادية واجتماعية، لأن التطبيق العملي كشف عن أن مبدأ سلطان الإرادة لم يحقق في مجال علاقات العمل غايته المتمثلة بالتعبير الحر عن الإرادة التعاقدية وعن الشروط العقدية بسبب الخلل الجوهري في الوضع الاقتصادي لأطراف العلاقة التعاقدية. لذلك ومع مرور الوقت ساد الشعور بضعف موقف العمال، فقاموا يوحدون صفوفهم ضمن تكتلات سميت بالنقابات العمالية من أجل تحسين شروط العمل والتفاهم مع أصحاب الأعمال على قواعد مشتركة وذلك عن طريق إبرام اتفاقات عمل جماعية، بعد أن كان دور العمل في العملية التعاقدية ينحصر بمجرد الإذعان لشروط صاحب العمل.
ونتيجة لذلك تدخل المشرع في معظم الدول لينظم قواعد خاصة تحكم علاقات العمل بعيدا عن مبدأ سلطان الإرادة، فتدخل على سبيل المثال في تحديد ساعات العمل وأوقات العمل ونظام الأجور والإجازات بأنواعها والرعاية الصحية والاجتماعية، وذلك من خلال قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها إلا إذا كانت أكثر فائدة للعامل.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/17857المجموعات
- أبحاث القانون [286 items ]
وثائق ذات صلة
عرض الوثائق المتصلة بواسطة: العنوان، المؤلف، المنشئ والموضوع.
-
أحكام تفتيش العمل في قانون العمل القطري : دراسة وصفية وتحليلية على ضوء استراتيجية منظمة العمل الدولية بشان تفتيش العمل
غزال, محمد عمار تركمانية ( مركز الدراسات القانونية والقضائية - وزارة العدل , 2015 , Article)هدفت الدراسة إلي الكشف عن أحكام تفتيش العمل في قانون العمل القطري: دراسة وصفية تحليلية علي ضوء استراتيجية منظمة العمل الدولية بشان تفتيش العمل. استخدمت الدراسة المنهج الوصفي والتحليلي. وتناولت الدراسة عدد من المباحث الرئيسية ... -
الدور المزدوج لاتفاق العمل الجماعي في تسوية نزاعات العمل الجماعية (دراسة تحليلية في قانوني العمل القطري و الفرنسي على ضوء معايير منظمة العمل الدولية)
غزال, محمد عمار تركمانية ( Centre d'Etudes Juridiques et Judiciaires Tunis , 2015 , Article)يهدف هذا البحث إلى بيان الدور المحوري والطبيعة الودية لاتفاق العمل الجماعي في تسوية المنازعات العمالية الجماعية، والتخفيف عن القضاء عبء منازعات ثقيلة يمكن تسويتها وديا. كما يهدف إلى بيان الطبيعة العقدية لهذا الاتفاق باعتبارها ... -
إنهاء عقد العمل وانتهاؤه في قانون العمل الفلسطيني: دراسة مقارنة
عبد الوهاب أبو زينة, أحمد; Abdel-Wahab Abu Zeineh, Ahmad ( Qatar University Press , 2022 , Article)يدور الحديث في هذا البحث عن إنهاء عقد العمل من قبل أيٍّ من طرفيه؛ صاحب العمل، أو العامل؛ وعن حالات انتهاء هذا العقد، سواءٌ أكان محدد المدة أم غير محدد المدة؛ وفقًا لقانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000، مقارنةً بقانون ...