هويتنا الثقافية في عصر العولمة

Abstract

لقد كنا نسمع إلى وقت قريب أن العالم ينقسم إلى شرق وغرب. وينقسم الشرق إلى: أدنى، وأقصى، وأوسط. وقد توارت في العصر الحديث فكرة التقسيمات تلك على هذا المستوى اللهم إلا لتمييز الموقع فحسب لا سيما بعد أصبح العالم قرية صغيرة متواصلة معرفيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا الأمر الذي زالت معه الحدود الجغرافية والسياسية، وأضحت مقولة الشاعر الإنجليزي "روديارد كبلنغ" (أن الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا) تحتاج إلى إعادة النظر في مضمونها تحت ظل العولمة. وربما كان مَعْقِدُ نظر الرجل أنهما لن يلتقيا في مواجهة مباشرة كالتي كان عليها الحال في الحروب الصليبية وتوابعها من الغزو الاستعماري في القرن التاسع عشر؛ لما لذلك من أثر كبير في توحيد صفوف المسلمين أمام الغاصبين؛ الأمر الذي أيقن معه الغرب- غير مرة- أنه لا نصر على المسلمين إلا بنوع آخر من الحروب التي تسمى بالحروب الباردة، وهي- في حقيقة الأمر- إحدى صور العولمة اقتصاديا، ثقافيا، اجتماعيا، وإعلاميا، فتلك الأبواب التي تؤثر على المسلمين، وهي ذاتها التي نعبر عنها أحيانا بالغزو الفكري. بحيث لا تستعمل في عرصاتها إلا رجال الشرق بأسلحة الغرب المستوردة ناهيك عن إشرافه وتدخلاته، ولا يقتصر الأمر عند ذلك الحد بل يُصور للعالم كيف يَقتتل المسلمون بحيث يكون العقل الغربي مهيئا للخوف من الإسلام "الإسلاموفوبيا" في حين أن الدين العظيم يداهم العقل الغربي المستنير وأضحى يهتدي بفطرته إلى الإسلام وليس عن طريق المسلمين. فما المراد بالهوية والعولمة والثقافة؟ وكيف نحافظ على هويتنا؟ وما منابع ثقافتنا؟ وما الدور المنوط بناء الآن إزاء العولمة؟ سأحاول في هذه الورقة البحثية أن أبين – في المبحث الأول ما المقصود بتلك المصطلحات المهمة التي يدور حولها البحث، ألا وهي: العولمة، والهوية، والثقافة مبينا العلاقة بينها، ثم أتنناول منابع تلك الثقافة ونشأتها في المبحث الثاني، ثم أتناول في المبحث الثالث الهوية الثقافية بين عصرين: عصر كانت الحضارة الإسلامية فتية تهضم وتتمثل ونتفتح وتستوعب وذلك مناط الأصالة وعصر آخر أصبحت فيه مغزوة ومهيضة الجناج لا تقوى على مجابهة التحديات؛ وذلك محل المعاصرة، والمبحث الأخير كان خاتمة البحث تعرضت للإجابة عن سؤال مهم، وهو كيف تصبح الثقافة الإسلامية ثقافة عالمية؟ وذلك عن طريق تقديم عدد من الحلول والمقترحات التي تأخذ بأيدينا للمحافظة على هويتنا الثقافية.