العلماء المسلمون قيم ثابتة في واقع مليء بالمتغيرات

Abstract

ما من شك أن الحضارة الإنسانية إنما هي عبارة عن فعل تراكمي يراكم عبره الإنسان مجموع تجاربه قبل أن يحيلها إلى الحضارات اللاحقة لتتصرف فيها بالتعديل أو بالتطوير مما يسمح بتشكيل ما أصبح يعرف اليوم بالحضارة الإنسانية. فقد يخطأ الكثيرون في الاعتقاد بأن ما بلغته المجتمعات الحديثة إنما هو نتاج حضارة أو عرق أو دين دون سواه. بهذا المعنى كانت الحضارة العربية الإسلامية واحدة من أهم الحضارات الأكثر إسهاما في مراكمة المعارف وتجديدها خلال الفترة الوسيطة. فلقد تنوعت إسهامات العلماء المسلمين وابتكاراتهم ما بين العلوم العقلية والنقلية. تعترف الحضارة الغربية بأنها بنت نهضتها منذ القرن الرابع عشر على التراث اليوناني واللاتيني في اعتراف جاحد وقاصر يغيب تماما الدور الذي لعبته الحضارة العربية الإسلامية في تشكيل نهضة أوروبا الحديثة حتى لغويا. إذ لا أحد ينكر فضل التراث العربي الذي فتح للغرب أفق البحث العلمي الرحب. تأتي أهمية هذا البحث إذا للتعريف بشخصيات طبعت بإسهاماتها الجليلة الحضارة الإنسانية ولكنها ظلت حبيسة صفحات كتب التاريخ دون أين يقع التعريف بها لدى جمهور القراء العرب قبل الأجانب. ثم إن إنجاز مثل هذه الورقة البحثية قد يساهم في انتزاع اعتراف حتى لو كان محتشما بالمساهمة الحضارية للمسلمين بعد أن حشرتهم الصراعات في مثلث الركود الحضاري ليشاهدوا حركة التاريخ من بعيد. لإنجاز هذه الورقة البحثية تم الاستعانة بأليات المنهج التاريخي والاستقرائي والفلسفي. ينطلق هذا البحث من إشكالية مركزية تحاول الإجابة عن السؤال التالي أي دور يلعبه العلماء المسلمين في تشكيل واقع المجتمعات المعاصرة .. ومن أجل الإجابة عن السؤال المركزي وعن الأسئلة الفرعية المتولدة عنه أثناء البحث تم تبويب العمل إلى فصول بحثية ثلاث فيعرض الفصل الأول كوكبة متميزة من العلماء المسلمين فيما خصص الفصل الثاني لرصد التقاطعات الكبرى بين أعمال العلماء المسلمين وبين البحوث العلمية الراهنة فيما يتساءل الفصل الثالث والأخير عن إمكانيات نزع الاعتراف بأهرام علمية لا يقع الاعتراف بفضلها في زمن العولمة...