الأصول الهندسية للحروف العربية

Abstract

كان لانتشار الاسلام إثر الفتوحِات العربية أبلِغ الأثر في الاهتمام بتدوين اَي الذكر الحكيم وارسال المصاحف إلى الأقطار والجماعات حديثة العهد بالإسلام ، ومن ثم لقى الخط العربي اهتماما متزايداً ورغبة ملحة في تجويد الخط وتأصيله والخروِج به من دائرة الشكل الجاف الذي يمثله الخط الكوفي أو الخط المربع ، والاتجاه به إلى آفاق أوسع وارحب ، تتسم باللين والانسيابية ، فقامت عدة محاولات في هذا الشأن إلى أن ظهر في صدر القرن الرابع الهجري المهندس الأول للخط العربي بلا منازع ، ألا وهو الأستاذ الوزير أبو علي محمد بن علي بن الحسن ، المعروف " بابن مُقلَة " ، فهو أول من أرسي قواعد هندسية للحروف العربية ، منفردة كانت أم مركبة ، وذلك بتحديد النسب الهندسية ، أي نسب الطول الى العرض ، ونسب الاستدارات إلى المستقيمات متخذاً النقطة وحدةً أساسيةً يقوم عليها التكوين الهندسي ، ولقد أعطى الانفتاح عل الأشكال اللًينة للخطوط دفعة هائلةً لتنويِع الأشكال والقواعد والنسب الهندسية ، تعددت معها صور الحروف وأنواِع الأقلام . وتشير الدراسة هنا بإيجاز الى الأعلام الذين كانت لهم مساهمات متميزة فن مجال الخط العربي ، وذلك في الفترة الممتدة من القرن الثاني للهجرة وحتى نهاية القرن الماضي . هذا ويعرض البحث لتطور الأشكال الكتابية للحروف ، وتنوِع هيئاتها، ذلك التنوِع الذي أضفى جماليات كبيرةً للحروف العربية ، ومن ثم فإننا نعرض بشيء من التفصيل لأعمال ابن مُقلة صاحب " الخط المنسوب " ، ولكتابات محمد بن احمد الزفتاوى في كتابه " منهاِج الاصابة في معرفة الخطوط واَلات الكتابة " ، كذا لكتابات القلقشندي في كتابه " صح الأعشى في صناعة الإنشا " وهندسة الحروف عند ابن الصائِغ في كتابه " تحفة أولى الألباب في صناعة الخط والكتاب "الذي صنًفه في النصف الأول من القرن التاسع الهجري . ونذيل هذه الدراسة ببيان نماذج من الأقلام متعددة الأشكال والأغراض والمناسبات ، وذلك للتعريف بها وللتدليل على حيويَة الخط العربي وتفوقه لا في مجال التدوين فحسب ، وإنما في ساحة الفنون الزخرفية كذلك ، حيث لا ينازعه في مركز الصدارة أي خط اَخر على وجه البسيطة . يلخص البحث إلى أن تأصيل الخط العربي بإرسائه على قواعد هندسية تتخذ من الألف والنقطة وحدي قياس ونسبة ، قد جعل من الخط العربي أداة طيعة رائعة ، بالغة التنوع ، عظيمة التميز .