النسقان الصوتي والخطي في الرسم القرآني
الملخص
تنطلق هذه الدراسة من فرضية مؤداها أن النسق الصوتي - السمعي والنسق الكتابي البصري
نسقان متمايزان ولا يتطابقان. إذ لكل نسق نظامه وعناصره البسيطة والمركبة وطريقة اشتغاله، ولا
أحد منهما يعكس الآخر. ففي مقابل التطريز الصوتي السمعي، يوجد تطريز الرسم، وكلما كان النظام
الصوتي يسعى إلى تقديم النص القرآني بوصفه نصا مجود الإلقاء، كلما كان النظام الخطي يرمي إلى
تقديم النص القرآني بوصفه نصا مجود الكتابة. حتى بدت الصورة الخطية تماثل الصورة البهية للصوت
المؤدى.
وهكذا، اعتنى العرب بالأداء الصوتي السمعي مثلما اعتنوا بالرسم. فكان أن بنى "النظام
القرآني" نظاما تطريزيا صوتيا باعتباره وحدات مسموعة، مثلما بنى نظاما تطريزيا بصريا باعتباره
وحدات بصرية، فتحققت بذلك متعتان: متعة سمعية، ومتعة بصرية. وبناء على هذا الطرح، نظرنا إلى
العلامات الخطية باعتبارها تشكيلا للريية البصرية، مثلما كانت العلامات الصوتية تشكيلا للبعد
السمعي. وبذلك، تحدثنا عن إيقاع سمعي وإيقاع بصري.
وإذا كان النظام البصري قد حاول عكس النظام السمعي القرائي، وتثبيته من خلال عدد من
الرموز الخطية، ومع أن هذا الصنيع قد حول المقاربة إلى اعتبار الخط وعلاماته مجرد محاكاة للصوتي
والسمعي، فإن النظام الكتابي قد حقق استقلاليته عن المنطوق بحيث إنه قد بنى لنفسه رموزا وعلامات
خاصة. ومن ثمة، فالنظامان لا يتعادلان ولا يتناسبان، بل يتمايزان، ويخدم كل منهما أغراضه الخاصة.
إننا بإزاء نظامين مختلفين، لكل منهما مجاله التحقيقي ومقوماته الجمالية إذ زين كل فضاء
بعناصر جمالية مناسبة، لكنهما مجالان متعاونان قد يلقيان الأضواء على قضايا أحدهما.
غير أن نسقية النظام الخطي تجد شرعيتها في تمييز "الرسم المصحفي" عن الرسم العادي.
وهذا مظهر آخر يشي بخصوصيات الإملاء "المصحفي" وصلة ذلك بهشاشة التثبيت "الخطي".
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/11341المجموعات
- اللغة العربية [55 items ]