منهجية القرآن والسنة في تدريب الشباب على المسؤولية الاجتماعية
الملخص
الحمد لله ربِّ العالمين، القائل في محكم التنزيل: (فوربك لنسألنهم أجمعين، عما كانوا يعملون) [الحجر: 92_93]، وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على المبعوث رحمة للعالمين، نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل: (لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه، حتى يُسأل عن خمس؛ عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم)( )، وعلى آله وصحبه وتابعيه، ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الشريعة الإسلامية الغرَّاء تتميَّز في خصائصها بوجود الجزاء الدنيوي والأخروي فيها، ووجود هذا الجزاء يستلزم أن تسبقه مسؤولية مادية محسوسة يتحملها الفرد، ليكون الجزاء من جنس العمل، وتتنوع هذه المسؤولية تبعاً لاعتبارات شتى؛ فقد تكون اجتماعية، أو سياسية، أو تربوية، أو أخلاقية، أو غير ذلك.
بيد أن المسؤولية الاجتماعية تأخذ حيِّزاً واسعاً بين هذه المسؤوليات، بالنظر إلى رقعة امتدادها، وشمول مساحتها، حيث ترتبط بما يحكم الفرد في صلته بالآخرين، وعلاقته بأفراد مجتمعه؛ من أهل وأقارب وأرحام وجيران وأصدقاء وأعداء، وحيث أن الإنسان بطبعه وفطرته كائن اجتماعي، فهو لا غنى له عن الآخرين في تواجده وتعايشه بينهم، وتفاعله وتعامله معهم في هذه الحياة، مما يفرض علينا ضرورة إبراز دور هذه المسؤولية الاجتماعية.
والمتتبع للمنهج القرآني والهدي النبوي، يلحظ أن الشريعة الإسلامية بمصدريها الأساسيين؛ الكتاب والسنَّة، قد أَوْلَتْ المسؤولية الاجتماعية أهمية مميَّزة، وأعطتها الرتبة العالية، وأنزلتها المكانة اللائقة، ووجَّهت أفراد الأمة ـ وخاصة عنصر الشباب فيها ـ إلى تولِّي مسؤولياتهم كاملة، وبشكل أدقّ المسؤولية الاجتماعية، بحيث يدرك كل فرد ما له من حقوق فيأخذها ولا يضيعها، وما عليه من واجبات فيؤديها ولا يهملها.
وهكذا يؤدي كل فرد في المجتمع المسلم دوره المطلوب بشكل منتظم، ويقوم بمسؤوليته القيام الحسن، ويكون النواة الصالحة في المجتمع الإسلامي، الذي خصَّ ربُّ البريَّة أفرادَه برتبة الأخوَّة، فقال تعالى: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) [الحجرات: 10].
ووصفهم سيدُ البشرية صلى الله عليه وسلم بقوله: (المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على مَن سواهم)( ).
ومن منطلق تحمل المسؤولية، وأهمية البحث العلمي، وربطه بالواقع الاجتماعي، جاء هذا البحث بعنوان: (منهجية القرآن والسنَّة في تدريب الشباب على المسؤولية الاجتماعية). في تناول قضايا الأمة، ومشاركة المجتمع آماله، ومشاطرته آلامه، وتقديم الحلول الناجحة لمشاكله وقضاياه.
وقد تضمنت خطة البحث مقدمة، وثلاثة مباحث رئيسة، وخاتمة؛ تحدثت المقدمة عن تعريف المسؤولية، وأنواعها، والأدلة الشرعية عليها، وتعرض المبحث الأول لخصائص المسؤولية الاجتماعية، متضمِّناً مفهوم النظام الاجتماعي وأسسه في الإسلام، وتنمية المسؤولية الاجتماعية. وتناول المبحث الثاني منهج القرآن الكريم والسنَّة النبوية في توجيه الشباب لتحمُّل مسؤولياتهم الاجتماعية والتدرب عليها، والشباب وتحيات العصر، واستعرض المبحث الثالث المسؤولية الشخصية، من حيث دور الفرد تجاه المجتمع، وأهمية التفاعل الإيجابي في المسؤولية الشخصية، ومخاطر المواقف السلبية الفردية في المسؤولية الاجتماعية. وجاءت الخاتمة بمجموعة نتائج مستفادة، وتوصيات مقترحة.
آملاً أن يسهم هذا البحث المتواضع في تعزيز الأهداف العامة للمسؤولية، وتوضيح مكانة المسؤولية الاجتماعية في الإسلام، وإبراز المنهج الرباني والنبوي في تدريب أفراد الأمة عليها، وخاصة الشباب فيها. والله تعالى من وراء القصد.
معرّف المصادر الموحد
http://irigs.iiu.edu.pk:64447/gsdl/collect/alderasa/index/assoc/HASH019e.dir/doc.pdfDOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/4324المجموعات
- الدراسات الإسلامية [67 items ]