أسس نظرية المعرفة اليقينية بين الفكر الديني والفلسفي
Abstract
المقدمة
هناك معضلة فكرية مهمة تتصل ببنية الحضارة الإسلامية وما تتطلبه هذه الحضارة من أسس ومقومات تقوم عليها، وهي: هل لدى المسلمين مناهج خاصة بهم، اكتشفوها بأنفسهم دون أن تشوبها شائبة مقحمة عليها من الخارج؟ بمعنى هل قامت على أصول وثوابت داخلية من خلال دستورها القرآني ونظامها التشريعي بأنواعه، من عقائدي واجتماعي وسياسي...، أو أنها قامت على أكتاف المتغيرات والمتداخلات الخارجية.
ومن هنا هدف البحث إلى إبراز مسألة أسس نظرية المعرفة اليقينية في مناهج المسلمين، وما مدى استقلالهم بها؟ وما مدى تأثرهم بالمنطق اليوناني، ومن بين هاتين النظريتين في المناهج، يقوم البحث باستجلاء النظرية الإسلامية لمسألة اليقين في مناهجهم وإبرازها في ثوب إسلامي واضح المعالم، خالي من الغموض واللبس والتعقيد، حتى يسهل فهمها أولاً، ومن ثم الحكم لها أو عليها، ذلك أن العقل المتدبر تعوّد على أن يلتمس منهجاً معيناً في أبحاث المفكرين والفلاسفة الذين يهدفون من وراء أبحاثهم ونظرياتهم إلى اليقين الحق، والتحليل والتبسيط والإيضاح الشمولي، وهذان الهدفان يحملان في طياتهما عمليتي الاستنباط والإقناع، وفي محاولة مستفيضة لاستقراء شامل لتحديد معالم هذا المنهج، فإن البحث يعرض لمعظم المدارس الإسلامية على مستوى المتحدثين والفقهاء والمتكلمين والصوفية، وذلك من خلال أئمة هذه المدارس، وما ذلك إلا لكي يوضح البحث أصالتهم وما انفردوا به من مناهج خاصة قبل عهد الترجمة، حتى نكون على يقين بأنهم لم يأخذوا شيئاً من المناهج الوافدة إليهم، وسيعتمد البحث على مصادرهم الأصلية، وأخذ آرائهم من مظانها الأولى، ومن ثم يوضح البحث مسألة اليقين عندهم من خلال منهاجهم بما لها وما عليها، وبعد أن يفرغ البحث من مناهج هذه المدارس يعرج على فلاسفة اليونان، وفلاسفة الإسلام لدراسة مناهجهم ومسألة اليقين عند كل منهم، وما مدى أحقية اليقين عند فلاسفة اليونان؟ ومن ثم ما مدى تأثر فلاسفة الإسلام بفلاسفة اليونان؟ وهل يجد البحث جديداً في مجال الدلالات والبراهين والتعريفات الخاصة بهذا النوع من العلوم لدى فلاسفة الإسلام؟
وبصفة إجمالية فالذين يدرسون هذا النوع من البحث الخاص بالمناهج ينقسمون إلى ثلاثة أصناف: عقليين وماديين، وماديين وعقليين معاً، وكل يدعي بأحقية مذهبه، ومن هذا الاختلاف القائم على نظرة كل منهم بأحقية مذهبه يتعشب البحث ويتضاعف الجهد، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل أساتذتي الأفاضل وخاصة أستاذي الدكتور محمد السيد الجليند ذللت العقبات وتيسرت الأمور واتضحت المعالم، فجزاه الله عني وعن المتلهفين إلى منهج إسلامي والداعين إلى العلم خير الجزاء وأحسن الثواب.
ومنذ مطلع القرن العشرين والفكر الإسلامي يتعرض لطعنات عديدة ومستمرة من الداخل والخارج، من الداخل إما بقصد وإما بدون قصد ووعي وإدراك، بمعنى عدم التوعية والاهتمام بهذا النوع من العلوم، وذلك عندما يسردون الآيات القرآنية والأحاديث النبوية للاستشهاد بهما في المسائل التي يبحثونها دون أن يتحروا مواطن اليقين في آرائهم من جهة، ومن جهة أخرى دون أن يحللوا النصوص التي يتشهدون بها من جهة أنها أدلة حسية أو عقلية، أو حسية وعقلية في آن معاً، وكم دليل احتوته هذه الآية إلى غير ذلك.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/4351Collections
- Islamic Studies [67 items ]