استدراكات على النموذج الخلدوني: الثورات العربية وانهيار الدولة 2010- 2020

Abstract

تتشابه المجتمعات العربية من حيث أنظمتها السياسية المغلقة، ومن حيث حيوية شبابها الذي يود أن يبدأ حقبة جديدة في تاريخ المنطقة. ورغم اختلاف هذه الشعوب في بعض ملامح الحياة الاجتماعية وطرائق التعبير والسلوك، لكنها تمثل في مجموعها أمة واحدة، وتصدر جميعًا عن حمولة ثقافية مشتركة، وتتحرك في نفق» اجتماعي وسياسي متشابه، مما يجعلنا نميل للاعتقاد بأن كثيراً من «الاختناقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي توجد في تونس وليبيا غرباً يوجد مثيل لها في مصر واليمن شرقا، وحتى الإجراءات والسياسات التي تتبعها القيادات السياسية في هذه الدول الإبقاء شعوبها في تلك الظروف الخانقة، تتشابه إلى حد كبير. والأمثلة على التشابه كثيرة، ولكن أبرزها «دولنة» القبيلة، و «عسكرة» البلطجية، والاستهانة بالمواطن، والتضحية بالمصالح الوطنية العليا من أجل الحفاظ على السلطة، والتبعية للقوى الخارجية. لقد ظل السؤال الذي يتردد بين الباحثين في حقل الدراسات السياسية المقارنة ودراسات الشرق الوسط: لماذا تبقى بعض هذه النظم السياسية الفاسدة المستبدة طويلا في سدة الحكم، بينما ينهار بعضها سريعًا في وجه العاصفة الثورية؟ ولماذا تنجح بعض الشعوب العربية المعاصرة في «الثورة» على الظلم والطغيان والفساد، دون أن تحمل سلاحًا - كما وقع في تونس ومصر والسودان بينما يثور بعضها الآخر فلا يتحقق له إلا نجاح جزئي وبأنهار من الدماء - كما في الحالة اليمنية والليبية والسورية ؟ وذلك رغم تشابه هذه الشعوب في تكويناتها الاجتماعية، وحمولاتها الثقافية، ونخبها السياسية، وتشابهها أيضا في أشكال المعاناة القاسية التي تمر بها، من كبت للحريات العامة، وانتهاك الحقوق الإنسان، وفقر وبطالة.