نحو إحياء مفهوم التربية الأصيل

Abstract

يستجيب هذا البحث استجابة أولية أساسية لتحدي حالة التقليد غير البصير والتبعية غير الواعية للآخر- في المجال التربوي على وجه التحديد - وهي الحالة السائدة التي تحول دون الإبداع الذاتي والتطور النوعي الفعلي لأمتنا الإسلامية في مرحلتها الراهنة، والمتجسدة بأشد صورها دلالة في كون مفهوم التربية نفسه بات مشحوناً بدلالات مستوردة من نسق فكري مغاير إجمالاً - في منطلقاته الفلسفية والثقافية - للنسق الفكري الأصيل للأمة، مما أدى إلى غياب أو ضمور الدلالات الأصيلة للمفهوم فضلاً عن تجسيدها تطبيقاً في مؤسساتنا التربوية. تتمثل هذه الاستجابة في كون هذا البحث محاولة للتحرر من تلك الدلالات المستوردة عبر السعي لإحياء مفهوم التربية الأصيل وتحريره في ضوء القرآن الحكيم باعتباره المرجعية العليا للتأصيل وتأسيس المنظومة المفاهيمية الخاصة بالأمة الإسلامية؛ وذلك انطلاقاً من تحليل دلالي دقيق لجذور مفهوم التربية في المعاجم العربية، باعتباره خطوة منهجية تأسيسية في البحث التحليلي التأصيلي للمفهوم. وبهذه الانطلاقة المنهجية الحيوية يكشف هذا البحث مدى ثراء الدلالات الأصيلة لكلمة التربية، والذي يتعزز بما يكشف عنه البحث كذلك من أن التربية عُرِّفت في مراجع أصيلة مرتبطة بمعاني مفردات القرآن بصيغة مجملة تستوعب كل ذلك المخزون الدلالي الأصيل الثري للتربية؛ مما يدل على أن كلمة التربية كانت بالفعل تُتداول في تلك المراجع الأصيلة بحمولة دلالية أصيلة ثرية. وبتوظيف نتائج تحليل الدلالات الأصيلة وتحليل التعريف المجمل الأصيل للتربية يقدم هذا البحث تحريراً جامعاً مؤصلاً لمفهوم التربية، ومن ثم يحلل التعريف المجمل في ضوء القرآن.