العلمنة والمجتمعات العربية تحديث قسري أم خيار استراتيجي؟

Abstract

سعى هذا البحث إلى الإسهام في ترشيد النقاش المزمن حول مسلسل العلمنة الذي تعرضت له المجتمعات العربية والإسلامية بشكل ممنهج ومطرد، كما يسعى إلى الإسهام في الإجابة عن السؤال المركزي الذي يثيره عنوان الورقة وهو: هل كانت عملية العلمنة هذه خيارا استراتيجيا يعبر عن حالة من التوافق بين الدولة والمجتمع، أم قرارا فوقيا فرض على هذه المجتمعات تحت طائلة الإكراه؟ والإشكال الذي يطرحه هذا السؤال لا يتعلق بالعلمانية كمفهوم وإيديولوجيا بل بالعلمنة من حيث هي عملية إجرائية مرتبطة بحركية المجتمع. وتنطلق الفرضية الأساسية لهذه الدراسة من أن هذه الظاهرة حديثة وطارئة على المجتمعات العربية ارتبط ظهورها بالإكراهات الدولية التي شهدتها المنطقة العربية إبان فترة الاحتلال، واستمرت تحت تأثير علاقة التبعية التي هيمنت على علاقة دول الأطراف بالمركز الأوروبي خلال مرحلة الاستقلال. وتجنبا للإجابات المبتسرة والجاهزة، تحاول هذه الورقة معالجة الموضوع ضمن سياقاته التاريخية من خلال إبراز الوقائع والممارسات والحيثيات التي صاحبت عملية عبور المجتمعات العربية الإسلامية نحو العلمنة، خاصة بعد هزيمتها إبان الحرب العالمية الأولى. وإلى جانب ذلك، تركز الورقة على أهمية المقاربة السوسيولوجية لفهم تجليات التأثيرات العلمانية في الواقع المعيش وأداء الأفراد والجماعات والمؤسسات الرسمية في ظل سيادة القوانين الأجنبية وهيمنتها على ثقافة المجتمع وقيمه المرجعية.