أزمة العلوم الاجتماعية : المظاهر والآفاق
التاريخ
2021-07-30المؤلف
أبوشوك, أحمد إبراهيمقويسي, حامد عبدالماجد
الأفندي, عبد الوهاب
حامد, التجاني عبدالقادر
ملكاوي, أسماء
البيانات الوصفية
عرض كامل للتسجيلةالملخص
يعود أصل هذا العمل إلى مجريات الندوة العلمية التي نظمها مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة قطر لمناقشة ازمة العلوم الاجتماعية في العام العربي (أكتوبر (2019 وهو باكورة أعمال تنسجم مع جوهر رسالة المركز الرامية إلى التجديد والمواكبة العلمية في بحر هذه العلوم. ويسعى هذا الكتاب إلى المساهمة في النقاش الهام حول أزمة العلوم الاجتماعية من خلال مساهمة أساتذة متخصصين؛ بحثا وتدريسا، باعتماد مقاربات متنوعة تتناول أزمة الحصيلة والمنهج والموضوع والمؤسسات، وتقترح حلولا ممكنة لتجاوز أزمة العلوم الاجتماعية الراهنة في الوطن العربي. يتكون الكتاب من خمسة بحوث تتضمن بحث الدكتور أحمد إبراهيم أبوشوك عن «أزمــة العلـوم الاجتماعية في الوطن العربي: المسوغات والآفاق»، وبعد مقدمة تاريخية عن الدراسات والندوات العلمية والحلقات النقاشية التي تناولت هذا الموضوع يتعرض الباحث للنظر في طبيعة العلاقة بين العلوم الاجتماعية والإنسانية، ويناقش التحديات التي تواجه تدريس هذه العلوم في الجامعات العربية، ومشكلات توطينها في المجتمع العربي ثم يطرح عددا من لأسئلة الأساسية التي ترتبط بالأساس الفلسفي الذي قامت عليه لهذه العلوم ويتساءل عن إمكانية إيجاد إطار فلسفي جديد يتوافق مع مكونات المجتمع العربي، ويسهم في عملية التزاوج بين ثوابت هذه العلوم في مجتمعاتها الأولى ومتغيرات الواقع المحلى لتكون من ثم قادرة على انتاج برامج أكاديمية تعالج كثير من المشكلات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في الوطن العربي. وينتهي الدكتور أبوشوك في خاتمة البحث إلى القول بأن المهتمين من العلماء العرب بسؤال الأقلمة وتوطين العلوم لم يفلحوا، بحسب تقديره، في تقديم دراسة شاملة للمرجعيات النظرية الغربية الموجهة لمسارات البحث العلمي في الظواهر الاجتماعية وآليات تطورها ومرتكزاتها الثابتة ويعتقد أن غياب مثل هذه الدراسة قد أضعف فرص إنشاء إطار نظري، أو علوم اجتماعية عربية. ولكن رغم ذلك فهو لا ينكر أن هذه الفئة من العلماء العرب قد أفلحت في وضع بعض المؤشرات العامة لقيام علم اجتماع عربي ومناقشة التحديات التي تواجه قيام مثل ذلك العلم، جاء البحث الثاني في هذه المجموعة من إعداد الدكتور حامد عبد الماجد قويسي بعنوان «إشكالية الوعي المنهاجي في علومنا الاجتماعية: الظاهرة السياسية نموذجا»، ويشير الدكتور حامد في مقدمة بحثه إلى أن فهم ما قبل المنهج بمكوناته (اللغوية والثقافية والدينية والأيديولوجية والتاريخية والقيمية) يعد أمرا ضروريا لفهم المنهج وتفعيله، وذلك لأنه يمثل المستوى الأول للمنهج (الباراديم)، والذي يسهم بدوره في تحديد رؤية الإنسان والعالم. قسم الدكتور حامد دراسته إلى ثلاثة مباحث تناول في المبحث الأول الإشكالية المنهجية في العلوم الاجتماعية وركز في المبحث الثاني على ما أدوار ما أسماه «ما قبل المنهج في تحولات الإطار السائد (الباردايم) للعلوم الاجتماعية، أما المبحث الثالث فقد خصصه لإشكالية الوعي المنهاجي في تحليل الظاهرة السياسية. يتوقف الدكتور حامد طويلا عند نشأة العلوم الاجتماعية وتطورها وإشكالاتها في الغرب، تماما كما فعل الباحثون الآخرون ولكن الدكتور حامد يتوسع كثيرا في هذا الجانب ليشمل علوم الاستشراق، كما يتوقف طويلا لشرح مفهوم «ما قبل المنهج» ومكوناته ودلالاته، موضحا أنه يتكون من قبليـات منضبطة» تشكل أساس العلم، وقبليات غير منضبطة تؤدى إلى غلبة التحيزات في الفهم. ثم يؤكد في خاتمة البحث على ضرورة الالتفات إلى التنوع الهائل داخل الدراسات الغربية حــول العـلـوم الاجتماعية في الغرب، ولضرورة الاهتمام بما يكتبه الغربيون أنفسهم في نقد الأفكار والتجارب والعلوم. كما يؤكد على ضرورة إعادة التأسيس النظري للعلوم الاجتماعية والبناء من منطلق تعددي حضاري، بحيث تتوفر الأصالة المنهجية في الإسهام النظري عبر استئناف حقيقي للتأسيس الخلدوني المعرفي والنظري. وتبدأ الدكتورة أسماء الملكاوي نقاشها لأزمة علم الاجتماع في العالم العربي بالحديـث عـن مستويات الوعي بالأزمات العربية، مشيرة إلى الأزمة المركبة ذات الأوجه المتعددة. وينقسم بحثها إلى أربعة مباحث مستويات الوعي بالأزمات العربية، ومظاهر أزمة العلوم الاجتماعية في العالم العربي، ومظاهر أزمـة العلـوم الاجتماعية في الغرب، وآفاق الحل. وتهتم الدكتورة أسماء بمراجعة الأدبيات والدراسات والتقارير، مستعينة بالكثير من الأشكال والجداول، وتتوقف عنـد التفرقة (أو (الفصل بين العلوم الاجتماعية والإنسانية لتلاحظ أن هذه التفرقة قد أخذت في التضاؤل، وأن العلوم الاجتماعية والإنسانية تتبادل تقنيات بعضهما البعض. وتلاحظ أن أزمة العلوم الاجتماعية في العالم العربي تعكس حالة نكوص حضاري تعيشه الأمة العربية الإسلامية، وأن من مظاهر ذلك النكوص، بحسب رأيها، الاستبداد السياسي وما ينجم عنه من رقابة صارمة على بؤر النشاط العلمي، ومصادرة حرية الفكر والتعبير. وتتعرض للتطورات التي مر بهـا علـم الاجتماع في الغرب، وإلى الانتقادات الهامة التي وجهت لمناهجه ولأسسه الفلسفية، من نقد للوضع العلمي لـه إلى نقد إلى المسار الذي اتخذه إلى غياب النموذج المعرفي الشامل لبحوثه. وتنتهي الدكتورة أسماء في خاتمة بحثها إلى القول بأنه لا يمكن فصل أزمة العلوم الاجتماعية في العالم العربي عن أزمتها في الغرب. ولكن ذلك لا يعني في تقديرها أن عملية «التبيئة» غير ممكنة، فالأمر يحتاج إلى مراجعة للمناهج العلمية حتى يتمكن العلماء العرب من التنظير لواقعهم بصورة مستقلة. ويقدم الدكتور عبد الوهاب الأفندي بحثا عن أزمة العلوم الاجتماعية، يشترك مع الأبحاث الأخرى في هذه المجموعة من ناحية الهدف العام، ولكنه يختلف عنها في أنه يقدم نقدا لاذعا لتقاليد البحث العلمي في المؤسسات الغربية ولتحيزات كثير من القائمين عليها؛ ليس من موقع باحث محايد ينظر من بعيد، ولكن من موقع باحث ملتزم بالرؤية الإسلامية ويناضل من داخل هذه المؤسسات دون ذوبان فيها، لكي يثبت وجوده العلمي والمهني ولكي يسمع صوته المخالف للأصوات الكثيرة الأخرى. يتجه بحث الدكتور الأفندي أساسا لعرض وتحليل علاقة الحب-الكراهية بين الإسلاميين المحدثين والمستشرقين كما تتبدى من تجربة شخصية لباحث مسلم متخصص في دراسة الحركات الإسلامية، تحت إشراف أساتذة لا يؤمنون أو لا يؤمنون بالإسلام، وفي مؤسسة غربية تسير على مناهج المستشرقين. ويتساءل الأفندي هل هناك خيار ثالث بين التهميش المستمر على حافة التقليد الأكاديمي الغربي، أو الابتلاع الكامل في داخله ؟ هل يمكننا أن نسمع صوتنا في هذه الردهات الشامخة؟ ويشير إلى أن هناك خطرا من أن يصبح مجرد التدخل في الحقل المعرفي سببا للدمار الذاتي، أو ينتهي المطاف بالباحث إلى أن يصبح مجرد ترس في العجلة القمعية التي تولد «المعرفة» التي ترمي إلى إدامة بنية الهيمنة. ويشير في هذا الصدد إلى مجهودات إدوارد سعيد (2003-1935) في نقده للاستشراق، معتبرا أن نقده ذلك لا يعدو كونه تطويرا داخليا للثقافة الغربية، وعنصرا معززا لاستقرارها. أما في بحثه عن «أزمة العلوم الاجتماعية في العالم العربي» فلا يود الدكتور التجاني عبد القادر أن ينظر إلى التحديات التي تواجه العلوم الاجتماعية في العالم العربي بصورة مستقلة، وإنما يود أن ينظر إليها في سياق التحديات (والأزمات) التي يمر بها المجتمع العربي في محاولة لاكتشاف نمط العلاقة بين أزمة المجتمع وأزمة العلم. وقد أراد أن يقوم في ضوء هذه الرؤية بدراسة استكشافية للإجابة على السؤالين التاليين: إلى أي مدى يمكن أن يصدق القول بأن الأزمة التي تمر بها العلوم الاجتماعية في العالم العربي ترتبط بأزمة أعمق يمر بها المجتمع العربي نفسه؟ وكيف يمكن لعلماء الاجتماعيات العرب أن يتغلبوا على أزمة العلم وأزمة المجتمع في آن واحد؟ وللإجابة على هذين السؤالين قدم الدكتور التجاني عرضا مختصرا لقضية التداخل بين أزمتي العلم والمجتمع، وأتبع ذلك بمراجعة نقدية للدراسات السابقة عن أزمة العلوم الاجتماعية في الغرب وما نجم عنها من اتجاهات نقدية، ثم تعرض لنشأة الأزمة في العالم العربي، ولما جرى فيه من محاولات لتوطين العلم. ويقدم في خاتمة البحث تصورا لما يمكن أن يسير عليه علماء الاجتماعيـات العـرب للتغلب على أزمة العلم والمجتمع. وقد انتهى الدكتور التجاني، بعد مراجعة الأدبيات السابقة، وتقديـم نمـاذج لمحاولات توطين المعرفة في العالم العربي إلى القول بأن بوادر الحل لهذه المعضلة قد تكمن في العمل من خلال صيغة (أو خطة توليفية يتعانق فيها المشروعان العلمي والسياسي القومي، وتكون لها ثلاثة الأضلاع؛ الأول يقوم على قيادة فكرية شعبية وسيطة (intermediary public intellectuals) والثاني يضطلع به علماء الاجتماعيات المحليون، والثالث يتعلق بالمجتمع العلمي العالمي. ويقوم جوهر هـذا النموذج، بحسب رؤيتـه، عـلى ضرورة إقامة علاقة جدليـة بـين الأفكار التـي يبلورها المفكرون الشعبيون أثناء حراكهم داخل المجتمع، والأفكار التي يطورها علماء الاجتماعيات داخل جامعاتهم، بحيث تقوم القيادة الفكرية الشعبية بوظيفة التعبير عن حاجات المجتمع ومصالحه العليا، واقتراح المشاريع السياسية القومية، كما تقوم من جهة أخرى بإلهام علماء الاجتماعيات وتحريضهم على البحث في تلك القضايا، أما علماء الاجتماعيات فسيتوجب عليهم اختبار المشاريع القومية المقترحة (كالتطور الصناعي، أو الوحدة الوطنية، أو التنمية الريفية، أو الديموقراطية الشعبية وغيرها، وربطها بمشاريعهم البحثية، وإخضاعها للنقد والتقويم، وذلك من خلال بحوث علمية جادة من خلال المناقشات العامة الحرة التي يتفاعلون فيها مع القيادات الفكرية الشعبية والحوارات والبحوث التي يتفاعلون فيها مع المجتمعات العلمية العالمية. إن مركز ابن خلدون إذ ينشر هذه المجموعة المتميزة من الأبحاث، لا يسعى لمجرد استقطاب مساجلات نظرية وإنما يسعى من خلالها لإثراء الحوار المستمر حول إمكانية «أقلمة» العلوم الاجتماعية في الجامعات العربية، وتحريك مزيد من النقاش حول المرتكزات النظرية لهذه العلوم والمناهج والأدوات التي يستخدمها المشتغلون بها، والتعرف على مدى المساهمة العملية لهذه العلوم في تنمية المجتمعات العربية والتحول بها نحو مستقبل أفضل. ولا يفوتنا أن نتقدم بالشكر للأساتذة الذين استجابوا لدعوتنا بالمشاركة في الندوة، ثم تعاونوا معنا في استكمال البحوث ومراجعتها ليخرج هذا الكتاب في صورته الحالية.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/22322المجموعات
- أبحاث مركز ابن خلدون للعلوم الانسانية والاجتماعية [210 items ]