وسائل دعوة الصم الى الإسلام
الملخص
لقد كرَّمَ الله الإنسان وفضله على سائر مخلوقاته بما وهبه من مَيْزَاتٍ انفرد بها عن بقية خلقه، حيث سَوَّاه بيده، ونفخ فيه من رُوحِهِ، وخَلَقَهُ فأحسن خَلْقَهُ، ووهبه العقل، وسخَّر له ما في السماوات وما في الأرض، وفضله على كثير ممنْ خلق تفضيلًا، قال تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) سورة الإسراء آية رقم: 70
والمشَاهَدُ في دنيا الناس أنَّ البلاءَ سُنَّةٌ فيها، حيث يبتلى الله ــ سبحانه ــ بعض خلقه بفقدهم فائدةَ حاسةٍ من الحواسِّ، ليبتليهم ــ رحمة منه بهم ــ حتى يعلم الناسُ في دنياهم الشاكرَ الصابرَ الراضيَ بقضاء الله وقدره، من غيره. "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ " سورة محمد: 31.
وقد عُنِيَ الإسلام بذوي الاحتياجات الخاصة من فئة الصم ـــ وغيرهم ـــ عناية عظيمة، فرفع عنهم الحرج في التكليف الشرعي، ويسَّر لهم أمور العبادة، ودعا إلى التعامل معهم، وانصهارهم في فئات المجتمع، وعدم تجنبهم؛ حفاظًا على كرامتهم واحترامًا لمشاعرهم، يقول الله تعالى: " لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ... الآية" النور آية: 61.
لقد حُرِم الأصم من نعمة السمع التي أمدتنا بالكثير من المعرفة الدينية التي شكلت شخصياتنا، والمسلم ــ والداعية خاصة ــ تجاه هذه الفئة مأمور بإيصال الدعوة إليهم بشتى السبل والطرق الممكنة؛ حتى يعرفوا ما هم مكلفون به من الفرائض والعبادات، والأخلاق، والمعاملات.
وفي العقود الأخيرة لَقِى ذووا الاحتياجات الخاصة اهتماماً كبيراً في جميع جوانب الحياة، حيث رُفِع مستواهم التعليمي، ونُّمِّيَت قدراتهم، وكفاءاتهم، ليستفيد المجتمع منهم، حيث يرى فيهم طاقات كامنة يجب أن يُفسح لها المجال؛ لتُعلن عن نفسها، وكوادر بشرية يجب أن تُوَظَّفَ وتُسْتَغَلَّ؛ لتكون مصدر إنتاج بدلا من أن تكون مصدر استهلاك
والواقع الدعوي يُظْهِرُ أن كثيرًا من الدعاة لم يعطوا اهتمامًا مناسبًا لدعوة هذه الفئة إلى الإسلام، حيث يَرى البعض منهم أنها غير مكلفة بأحكام التشريع الإسلامي، أي أنهم غير محاسبين أمام الله .
ومشروع البحث يُجيب على تساؤل طالما شغل الذهن، وتطلَّعت النفس إلى الإجابة عليه وهو: هل الأصمُّ مُكَلَّفٌ شرعًا؟ وإن كان مُكَلَّفًا شرعًا، فأيُّ الوسائل الدعوية أنسب وأجدى نفعًا في دعوته إلى الإسلام إن كان غير مسلمٍ؟، وأيها أفضل وأيسر في تعليمه مبادئ دينه الحنيف؟
ورغبةً في إيصال رسالة الإسلام لهذه الفئة بصورةٍ واضحةٍ وصحيحةٍ، وتوضيح مدى عناية الإسلام بها، ومعرفة الوسائل المناسبة لدعوتهم إلى الإسلام؛ كان الاختيار لهذا المشروع.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/4217المجموعات
- العقيدة والدعوة [144 items ]