الدِّين والتَّدين من التّكامل إلى التَّقاطع
الملخص
تكمن أهمية الدراسة في ضبط العلاقة الجدلية بين الدين والتَّدين، حيث يُعد مفهوم الدين من أبرز المفاهيم القرآنية المتعلقة بالمحددات الفكرية التي ينتمي إليها المتدين كمعايير تفصل بينه وبين غيره اللاديني، كما يُعدّ هذا المفهوم مُهما من جهة ضبط الدوائر والمحددات التي تحصر تديُّن المرء ومدى حمله للدين. والدين عبارة عن قواعد معرفية مستوحاة من الوحي تضبط فكر المرء وسلوكه لسعادته دنيا وآخرة، وتبقى هذه الغاية بعيدة عن القياس نَظَرَا لخفائها، ومن هنا يصبح التّدين علامة على كشف ما هو مستور في داخل المرء، لكن بالمقابل قد لا يكون هذا التَّدين صحيحا كحالة الرياء والنفاق، والمطلوب من المسلم أنْ يكون ظاهره متناسقا مع باطنه. هذا التناسق بين الباطن والظاهر كان الحالة المثلى لعصر الصحابة ومن بعدهم، ثم بدأت هذه الحالة بالتآكل رويدا رويدا وخاصّة في عصرنا الحاضر؛ حيث أصبح العالم قرية صغيرة، ولم تَعُد المعرفة حكرا على أحد، وباتت الحواجز بين المؤثرات الثقافية ضعيفة، كما أنَّ سلطة الأهل والمدرسة تقلَّصت، وكلُّ ذلك بتأثير وسائل التواصل والثورة المعلوماتية، فظهرت الكثير من الأخلاق المشينة والسلوكيات المنحرفة وتقليد الآخرين في المأكل والمشرب والملبس، وصارت الثقافة الدِّينية مزاحمة للتدين الصحيح، فالاحتشام للرجل والمرأة مثلا من أبرز ما يتصف به سلوك المسلم، لكنَّ هذا الاحتشام قد تأثَّر ليصبح المسلم في كثير من الأحيان مُترددا بين أمرين: بين قواعد الدِّين النظري التي تفرض عليه نمطا محددا، وبين الثقافات المتنقلة التي تؤثر عليه وعلى سلوكه فصار يسعى في بعض الأحيان إلى التلفيق والجمع بين هذين التيارين، فتجد الفتاة المسلمة -مثلا- تلبس الحجاب لتغطي به شعرها نزولا عند النصوص القرآنية، ولكن بالمقابل قد لايكون هذا الحجاب كافيا، ويصبح المنظر الجمالي ولفت الانتباه هو المقصد عوضا عن العفة.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/44482المجموعات
- العقيدة والدعوة [144 items ]