قوامة الرجال على النساء في كتب التفسير : دراسة تحليلية تطبيقية على المجتمع القطري
الملخص
إن الحمد لله، نحمده ونستغفره، ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله رحمة للعالمين هادياً ومبشراً ونذيراً.
أما بعد:
فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [سورة النساء:1].
مما لا شك فيه أن القرآن الكريم منهاج حياة، يتصف بالشمول والكمال، ويقدم العلاج لكل مشكلات الناس، والمتتبع لآياته يجد أنه قد عنى بالأسرة وشؤونها عناية بالغة، فسن القوانين التي تنظم أمورها، وتحفظ حقوقها، وقد جعل الله الزواج آية من آياته الكبرى، فقال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم:21].
وقد أراد الله سبحانه وتعالى بهذا الاجتماع الاستقرار والسكينة، والستر، واستمرار الحياة وحمايتها من الآفات والانحرافات.
وحفاظاً على كينونة هذه المؤسسة الصغيرة واستمرارها، شرع لها جملة من المرتكزات التي تضمن استقرارها، وفي مقدمة هذه المرتكزات: قوامة الرجال على النساء التي جعلها تقوم على أصول وثوابت تمنع من سوء الاستغلال.
وقد لاحظت بناء على متابعاتي وزياراتي لمركز الاستشارات العائلية أن كثيراً من المشكلات الزوجية تنبع من خطأ الرجال في فهم مدلول القوامة، وسوء استخدامهم لآثارها في علاقتهم بأزواجهم، كما تنبع من رفض عدد من النساء لهذه القوامة وتأبيهم على مقتضياتها، فترتب على ذلك سلوك يعاكس الأهداف المبتغاة من الزواج ألا وهي المودة والسكينة والرحمة.
بيد أنَّ الأزمان تغيَّرت، والثَّقافات تداخلتْ، وكثُرت محاولات أعداء المسلمين تشويه صورة هذا الدين الحنيف، بطرقٍ مُباشرة وأخرى غير مباشرة، بل بطرُق ظاهرُها الرَّحْمة والشَّفقة والعَطْف على المرأة، وباطِنُها العذاب، كلّ هذه الأمور، مضافًا إليْها سوء الفهم لدى كثيرٍ من المسلمين لمعنى القوامة ووظيفتِها الشَّرعية، جعل من الأهمية بمكانٍ الحديث عن هذه الوظيفة الشَّرعيَّة السامية، بِما يوضِّح حقيقتَها الشَّرعيَّة، ويبيِّن زيف تلك الشبه والادِّعاءات التي وجهت لهذا الدين عبر قوامة الرَّجُل الزَّوجيَّة في الشَّريعة الإسلاميَّة.
من هذا المنطلق ارتأيت القيام بدراسة مستفيضة لمفهوم ومقتضيات قوامة الرجال على النساء في كتب التفسير لأقف على ما فيها من صواب يجب تعميم معرفته على الناس جميعاً، أو من خطأ أورده المفسر تأثراً ببيئته التي نشأ فيها دون أن يتنبه إلى ضرورة فهم القوامة في ضوء النظرة الكلية للقرآن الكريم لعلاقة الرجال بالنساء، وذلك وفقاً للأصول والثوابت القرآنية التي تقوم على العدل والمساواة وحفظ الحقوق وحسن العشرة. سائلة المولى عز وجل أن يجعله عملاً موفقاً وخالصاً لوجهة الكريم وينفع به الإسلام والمسلمين.
DOI/handle
http://hdl.handle.net/10576/5402المجموعات
- التفسير وعلوم القرآن [74 items ]